سياسة

هل هناك مكان لجبهة البوليساريو في مستقبل الحكم الذاتي المغربي للصحراء؟

تتزايد المخاوف بشأن مستقبل جبهة البوليساريو وأعضائها ومؤيديها وعائلاتهم، في ظل إعادة الهيكلة الاجتماعية والسياسية لجهة الصحراء بعد تفعيل المقترح الذي قدمه الملك محمد السادس حول الحكم الذاتي المتقدم.

هذا النموذج من الحكم الذاتي، الذي أصبحت خطوطه العريضة معروفة ويجري النقاش حولها، يخصص دوراً للحركة الانفصالية الصحراوية في مستقبل المنطقة: قادتها، كوادرها، مقاتلوها، وسكان المخيمات الخاضعة لسيطرتها في تندوف (جنوب غرب الجزائر).

المسألة مطروحة فعلياً، وتناقش من زوايا متعددة.

لم يضيع المغرب الوقت وسهّل لقاءً بين لجنة من الخبراء يرأسها الدكتور محمد الزهراوي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الجديدة، والمركز المغربي للدبلوماسية الموازية برئاسة الدكتور عبد الفتاح البوعمشي.

المغرب لا يريد أن تظل مبادرة الحكم الذاتي شعاراً فقط، بل يسعى إلى إعطائها مضموناً حقيقياً يأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول المعنية (المغرب، الجزائر، موريتانيا) ومصالح الفاعلين في المنطقة، وعلى رأسهم جبهة البوليساريو.

أسفر اللقاء عن وثيقة أولية بعنوان: “مستقبل البوليساريو بعد انتهاء النزاع”، تناولت أربعة محاور رئيسية.

المحور الأول: مصير قادة البوليساريو، حيث يشدد التقرير على ضرورة معاملة الجميع بشكل متساوٍ بغض النظر عن مواقفهم السابقة من الحكم الذاتي. ويحذر من التنافس المحتمل بين نخب البوليساريو والنخب المحلية على المناصب في البرلمان والحكومة الجهوية.

في هذا السياق، تُبرز الوثيقة دور المؤسسة الملكية كضامن للتوازن والحكم العادل بين جميع الأطراف.

المحور الثاني: يتعلق بالسلاح والمقاتلين، حيث يؤكد التقرير أهمية الدعم الدولي من مجلس الأمن لتفعيل الحكم الذاتي، ويشدد على ضرورة نزع سلاح الجبهة ودمج عناصرها، مستشهداً بتجارب تاريخية مماثلة لدى المغرب.

المحور الثالث: حل الهيكل التنظيمي للبوليساريو، وهو أقل حساسية من الملف العسكري لكنه لا يخلو من التعقيد، بالنظر إلى الشبكات والعلاقات التي بنتها الجبهة طوال خمسين عاماً. ويتطلب الأمر دعماً وضمانات دولية لتسهيل اندماج النخب الصحراوية.

المحور الرابع: يتعلق بمصير سكان مخيمات تندوف، وهو ملف معقد بسبب الانقسام الداخلي في المجتمع الصحراوي. ويشدد التقرير على أن خطة الحكم الذاتي يجب أن تكون شاملة ولا تنحاز لأي طرف، مع مراعاة الجوانب القبلية والإثنية في عملية العودة.

يؤكد المغرب من خلال هذه الوثيقة على سعيه لوضع خارطة طريق شاملة، تشاركية وديمقراطية، لإنهاء نزاع طال أمده، ورغم كونه منخفض الحدة، فإنه أثر كثيراً على حياة شعوب ذات كرامة وتاريخ وثقة في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى