سياسة

احتقان متصاعد داخل مخيمات تندوف وسط تدهور الأوضاع الإنسانية

تعيش مخيمات تندوف الواقعة جنوب غرب الجزائر على وقع توتر داخلي متزايد، نتيجة تدهور الأوضاع الاجتماعية والإنسانية، وغياب بوادر الحل السياسي بعد سنوات طويلة من الجمود. هذا الاحتقان بات ملموساً بشكل يومي، خاصة مع تنامي شعور الإحباط في أوساط الشباب، واستمرار القبضة الأمنية المفروضة من قبل قيادة جبهة البوليساريو.

وتواجه الجبهة ضغوطاً متصاعدة، سواء من داخل المخيمات أو من محيطها الإقليمي والدولي، في ظل تطورات متسارعة تشهدها قضية الصحراء المغربية. وقد أثار تصريح حديث لإبراهيم البشير بيلا، المسمى بـ”وزير الداخلية” في الجبهة، جدلاً واسعاً بعد اعترافه، ولأول مرة بنبرة أقل تشدداً، بوجود مقترح الحكم الذاتي المغربي ضمن الأجندة الدولية للنقاش.

هذا التصريح جاء في وقت تعرف فيه المخيمات حالة من الغليان، يتجلى في تنامي الاحتجاجات والانشقاقات، لاسيما في صفوف الشباب الرافضين للواقع المفروض عليهم، من تهميش وانعدام لحرية التنقل وظروف العيش الكريمة. كما ازدادت التقارير التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان، وتفشي غياب الشفافية في توزيع المساعدات الإنسانية، وهي معطيات وثقتها منظمات دولية على مدى السنوات الأخيرة.

في المقابل، يحظى مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية بدعم متنامٍ من قبل المجتمع الدولي، باعتباره حلاً عملياً وقابلاً للتنفيذ، يضمن كرامة سكان الأقاليم الجنوبية واندماجهم في مشروع تنموي شامل. وقد عزز افتتاح عدد من القنصليات الأجنبية في مدينتي العيون والداخلة هذا التوجه، وساهم في تقوية الموقف المغربي على الصعيد الدبلوماسي، مقابل تراجع ملحوظ في زخم الأطروحة الانفصالية.

ما يجري اليوم داخل مخيمات تندوف يسلط الضوء على حجم الأزمة الداخلية التي تعيشها جبهة البوليساريو، ويعكس تصاعد الأصوات المطالبة بمراجعة شاملة للنهج الحالي، والدفع نحو خيار سياسي يضمن الكرامة والحقوق لسكان المخيمات. ومن المرجح أن يقود هذا التوتر المتزايد إلى تغييرات داخلية في قيادة الجبهة، قد تدفعها للتخلي عن مواقفها المتشددة، والنظر بجدية في الحلول المطروحة، وعلى رأسها مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى