الـجـزائـر

البرلمان الجزائري يصوّت: أصبح إرهاب الدولة قانونيا

في الاثنين 12 ماي 2025، صوّت المجلس الشعبي الوطني بالأغلبية لصالح قانون الإجراءات الجزائية الجديد، وذلك رغم تحذيرات متكرّرة من نقابة المحامين، ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني. النص الذي قُدِّم باعتباره “تحديثاً” من طرف وزير العدل، بوجمعة لطفي، يمثّل في الواقع قطيعة وحشية مع أبسط ضمانات العدالة.

ورغم أن المشروع يتضمّن أكثر من 850 مادة، إلا أنّه لم يحظَ بأي تغطية تقريباً من وسائل الإعلام الرسمية. ومع ذلك، فإنّ تأثيره فوري: فهو يضفي الشرعية على سلسلة من الإجراءات القمعية تحت ذريعة “فعالية العدالة”.

هذا ما يتيحه القانون الذي تم تبنيه رسمياً:

  • التنصّت على مكالماتك واقتحام منزلك دون إذنك
    المادة 100 تخوّل لوكلاء الجمهورية التنصّت على مكالمات المواطنين وتركيب أجهزة تسجيل وتصوير في أماكنهم الخاصة، بدون إذن قضائي.
  • تجميد حساباتك البنكية دون محاكمة
    المادة 49 مكرر 1 تخوّل تجميد أرصدتك المالية لمجرد “شبهة” في مخالفة اقتصادية.
  • تشويه سمعة مواطنين لم يصدر بحقهم حكم قضائي
    المادة 19 تتيح نشر صورتك واسمك أثناء التحقيق حتى قبل صدور أي حكم قضائي.
  • احتجازك لمدة 10 أيام دون توجيه تهمة أو حضور محامٍ
    المادة 78 تمدد الحبس تحت النظر إلى 10 أيام في قضايا “أمن الدولة” ذات التعريف الفضفاض.
  • منح صلاحيات كاملة للشرطة العسكرية
    المادتان 23 و24 تمنحان مصالح الاستخبارات العسكرية نفس صلاحيات الشرطة القضائية المدنية، على كامل التراب الوطني.
  • إلغاء هيئة المحلفين في المحاكمات الكبرى
    المادة 381 تلغي المحلفين المواطنين في قضايا “الإرهاب” و”التهريب”، وتحصر القرار القضائي في يد قضاة تعيّنهم الدولة.
  • حظر الشفافية في التحقيقات
    المادة 19 تمنح النيابة العامة السلطة المطلقة في تحديد ما يمكن نشره من تفاصيل التحقيقات، حتى عن العائلة أو الدفاع.
  • إقصاء المحامين من مراحل أساسية في المحاكمة
    المادة 128/2 وغيرها من المواد تسمح بإبعاد المحامي عن بعض مراحل التحقيق أو المحاكمة.
  • اعتقال المواطنين فقط بسبب منشور على الإنترنت
    المزج بين المراقبة الرقمية وقوانين “الإخلال بالنظام العام” الفضفاضة يسمح باعتقال أي مواطن لمجرد رأي أو تعليق أو صورة.

رغم اقتراح 87 تعديلاً، لم يُعتمد منها سوى 23 فقط. تم تمرير النص من دون نقاش عام حقيقي، في حين التزم هشام سيفر، رئيس لجنة الشؤون القانونية – الذي عادة ما يكثر ظهوره على الإعلام الرسمي – صمتاً تاماً حول هذا المشروع الخطير. وهو صمت يعبّر عن رغبة واضحة في خنق أي نقاش وطني.

أما الوزير فقد امتدح النص، معتبراً أنه “يضمن التوازن بين محاربة الجريمة وحماية الحقوق”، وزعم أنه تم الأخذ ببعض التوصيات المهنية. لكن الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين (UNOA)، الذي يمثل أكثر من 60 ألف محامٍ، يرفض القانون بشكل قاطع: “هذا القانون يُؤسّس للخوف. إنه يمنح الدولة غطاءً قانونياً للتجسس والمصادرة والتشويه والسجن لأي شخص، دون دفاع حقيقي.”

في 13 ماي 2025، عبّرت الأمم المتحدة عبر المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، عن قلقها الشديد بشأن مشروع قانون مشابه جداً تم تمريره في مصر، يمنح هو الآخر سلطات واسعة للنيابة في ما يخص الحبس الاحتياطي، والتنصت، وحرمان المتهم من محام. إلا أن الجزائر، على عكس مصر، مررت قانونها في صمت شبه تام، دون أن تثير أي انتباه إعلامي دولي.

لذلك، نضع بين أيدي ممثلي الأمم المتحدة نسخة من المشروع الذي تم التصويت عليه للاطلاع عليه مباشرة. يحتوي النص على مواد خطيرة، من أبرزها:

  • المادة 100 التي تُضفي الشرعية على تجسس الدولة على المواطنين؛
  • المادتان 23 و24 اللتان تمنحان الجهاز العسكري سلطات قضائية كاملة؛
  • المادة 19 التي تشرّع التشهير قبل صدور أي حكم وتفرض السرية التامة على التحقيق؛
  • المادة 49 مكرر 1 التي تسمح بمصادرة الأموال دون قرار قضائي؛
  • المادة 78 التي تكرّس الحبس التعسفي لمدّة 10 أيام؛
  • المادة 381 التي تلغي المحلفين في المحاكمات السياسية؛
  • المادة 128/2 التي تفرغ دور المحامي من مضمونه.

رابط التقرير التمهيدي حول مشروع قانون الإجراءات الجزائية: اضغط هنا
رابط رسالة الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين (UNOA): اضغط هنا

✍️ عبد الرحمن فارس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى